كيف يحصل "التعاقب البيئي" بعد حرائق الغابات؟
كيف يحصل "التعاقب البيئي" بعد حرائق الغابات؟
مع تزايد حرائق الغابات الكارثية حول العالم يطرح السؤال عن مدى تعافي النظم البيئية المتضررة والوقت اللازم لذلك، وحيث تشير الأدلة التاريخية إلى أن النظم البيئية قادرة على التجدد بعد الحرائق، ولكن مع تزايد شدة هذه الحرائق ونطاقها والتغيرات المناخية، سيحتاج البشر أيضا إلى تكثيف جهودهم لدعم هذه العملية.
وعند مشاهدة الحرائق المدمرة في غابات اللاذقية السورية أو تركيا أو جنوب كاليفورنيا سابقا، يتساءل الكثيرون عما إذا كانت النظم البيئية المعقدة والمتنوعة قادرة على التعافي من هذا الدمار. الإجابة المختصرة هي نعم. ومع ذلك، فإن العملية ليست بهذه البساطة، ويزيدها تغير المناخ تعقيدا..
البث الحي
تسجيل
بيئة ومناخ
|
تغيّر المناخ
|
عربي
كيف يحصل "التعاقب البيئي" بعد حرائق الغابات؟
الدفاع المدني السوري: فرقنا تعمل على إخماد حرائق في غابات قسطل معاف قرب رأس البسيط في ريف اللاذقية - الدفاع المدني السوري
حرائق اللاذقية أتت على ما يقرب من 15 ألف هكتار من الغابات والأراضي الزراعية (الجزيرة)
14/7/2025-آخر تحديث: 10:59 (توقيت مكة)
مع تزايد حرائق الغابات الكارثية حول العالم يطرح السؤال عن مدى تعافي النظم البيئية المتضررة والوقت اللازم لذلك، وحيث تشير الأدلة التاريخية إلى أن النظم البيئية قادرة على التجدد بعد الحرائق، ولكن مع تزايد شدة هذه الحرائق ونطاقها والتغيرات المناخية، سيحتاج البشر أيضا إلى تكثيف جهودهم لدعم هذه العملية.
وعند مشاهدة الحرائق المدمرة في غابات اللاذقية السورية أو تركيا أو جنوب كاليفورنيا سابقا، يتساءل الكثيرون عما إذا كانت النظم البيئية المعقدة والمتنوعة قادرة على التعافي من هذا الدمار. الإجابة المختصرة هي نعم. ومع ذلك، فإن العملية ليست بهذه البساطة، ويزيدها تغير المناخ تعقيدا.
اقرأ أيضا
list of 2 items
list 1 of 2
سوريا تطلب مساعدة أوروبية لإخماد حرائق اللاذقية
list 2 of 2
ارتفاع حصيلة ضحايا الحرائق في تركيا
end of list
يشير علماء الطبيعة إلى أنه لا حاجة إلى تدخل بشري لإعادة إحياء الغابات المحترقة، خصوصا أن النظام البيئي للغابات تطور عبر ملايين السنين وأصبح يعتمد على حرائق الغابات الدورية لإحلال التوازن البيئي بشكل طبيعي.
كما أظهرت دراسات الحرائق التاريخية العمليات التي تمر بها النظم البيئية بعد الحرائق، وكيف يمكن أن تُفيد التنوع البيولوجي وتعزز مرونة النظم البيئية. ومؤخرا، اتضح أن تغير مناخنا السريع يُؤثر على مراحل التعافي، وأن البشر إما أن يُسهموا في هذه العملية أو يُضرّوا بها.
وتعد النار جانبا طبيعيا من دورات النظام البيئي، وخاصة الغابات والمراعي، ولذلك تطورت لتعتمد على النار لخلق التنوع. وبعد الحريق، تظهر رقعة أرض مفتوحة تبدو للعين البشرية وكأنها ندبة عليها.
ومع ذلك، فإن ذلك يعد فرصة للعديد من الأنواع، حيث لا تنافس على الموارد ولا وجود لمفترسات. ويفتح انعدام المنافسة بعد الحريق آفاقا جديدة في النظام البيئي لمزيد من التنوع، وهذا يؤدي إلى المرونة، أو قدرة النظام البيئي على تحمل التغيير. وتُعرف هذه البداية الجديدة باسم "التعاقب البيئي".
ويشير تقرير لموقع "إيرث دوت أورغ" (Earth.org) إلى أنه في عام 1988 احترق أكثر من 30% من متنزه يلوستون الوطني بالولايات المتحدة نتيجة حرائق استمرت لأسابيع.
واليوم، قد لا يدرك زوار يلوستون أن حريقا قد وقع، رغم أن بعض مناطق المتنزه لا تزال في مراحلها الأولى من التعافي. وهذا دليل على قدرة الطبيعة على التعافي من مثل هذه الكوارث.
بشكل عام، تعتمد عملية التعافي على حالة الأرض بعد الحريق وشدته ومدى انتشاره، حيث تتجدد الغابات مع نمو شتلات جديدة من البذور التي ربما نجت من الحريق أو من خلال انتشار بذور جديدة من مناطق أخرى.
وقد تستغرق عملية الانتقال من الشتلات إلى أشجار ناضجة عدة عقود، وقد تختلف المدة الزمنية حسب نوع الغابة والظروف البيئية، وتشير بعض الدراسات إلى أن مدة 7 سنوات من الحريق هي الفترة التي يعتبرها العلماء حاسمة لتعافي النظم البيئية بشكل أولي.
ففي المراحل الأولى من تعافي النظام البيئي، تستوطن الكائنات الدقيقة القوية والنباتات المرنة -والتي تُعرف غالبا باسم "الأنواع الرائدة"- الأراضي المحترقة. وللوصول إلى التربة، عادة ما تحمل الرياح هذه الكائنات والبذور والأبواغ.
ومع ذلك، كلما اتسعت المساحة المحترقة، زادت المسافة التي يجب أن تصلها هذه الكائنات: وهو عامل رئيسي يُحدد الوقت الذي يستغرقه النظام البيئي للتعافي بعد الحريق.
وتستخدم هذه المستعمرات الأولية العناصر الغذائية في التربة، وتُكون تربة سطحية أغنى، تسمح بعد فترة من الزمن بازدهار المزيد من النباتات بعد الكارثة. وغالبا ما تكون الشجيرات والشتلات المرنة التي تشكّل الطبقة السفلى من الغابة هي العلامة الأبرز على التعافي.
وتتطلب هذه الأنواع سريعة النمو عادة الكثير من ضوء الشمس، وتزدهر في المناطق التي لا توجد فيها أشجار طويلة تظلّلها. وبمجرد أن تملأ الأشجار الأكبر المنطقة، تميل إلى احتلال حواف الغابات أو الحقول.
وغالبا لا تعود الحيوانات إلا بعد عودة النباتات، ولا تكون الفرائس الصغيرة هي أول من يعود إلى المنطقة. فوفرة الموائل وقلة الحيوانات المفترسة تجذب الثدييات الصغيرة مثل الفئران والحشرات والطيور. وبمجرد ازدهار الفرائس، تتبعها الحيوانات المفترسة.